الرويجل، مصطفى

في استعادة مكانة العقل محمد عمارة مستأنفا مشروع رواد النهضة / [مورد إلكتروني] : مصطفى الرويجل - الرباط : منشورات مؤسسة مؤمنون بلا حدود، 2017 - ص. 1-20

بيبليوغرافيا : ص. 20

بعد أن أدرك العرب حجم تأخرهم، تساءلوا: لماذا تقدم الغرب وتأخر العرب؟ وفي بحثهم عن جواب لهذا السؤال، أدرك أهل الفكر والنظر أن تغييب العقل، كان أحد الأسباب الأساسية في هذا التراجع والتراخي الحضاري، فأصبح مطلب العقل والعقلانية مطلبًا ملحًا إبان عصر النهضة؛ لاعتقاد رواد النهضة أنه المَنْفذ والنفق الموصل إلى التنوير، وتميمة القضاء على آفة التقليد، التي جمَّدت فاعلية العقل العربي الإسلامي، وبالتالي؛ انتشار بدع غريبة عن قيم ومبادئ الإسلام؛ حيث توالت رواسب قرون التراجع على هذا العقل، حتى أصبح النهوض من جديد، يقترب من حدود الاستحالة، فقُيِّد العقل بتقليد وترديد ما قاله السلف، مع الزيادة على هذه الأقاويل وتقديسها، الأمر الذي دفع برواد النهضة إلى التشمير عن سواعد الجد من أجل الاضطلاع، بمهمة إحياء وتجديد النظر العقلي، وهو ما نلمسه في أثر كل من؛ جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، كما يعد مشروع الدكتور (محمد عمارة) امتدادًا واستئنافًا لجهود هؤلاء الرواد، لإحياء العقلانية الإسلامية، فإذا كان الأفغاني وعبده، عمِلا على إحياء النظر العقلي، ونفض الغبار عن آلة العقل المعطلة، بدعوتهما التجديدية التي لم تحدد في التراث مذهبًا أو مرجعية فكرية، أو لنقل: لم يفصحا عن الانتماء الفكري؛ فإن عمارة حاول التأصيل لمشروعه الفكري، عندما رأى في الاعتزال الصفحة المشرقة في تراثنا الحضاري، فبدأ بالبحث عن شعاع العقلانية الساطع من المصنفات الاعتزالية، التي نجت من ألسنة اللهب، ونيران الجهل، فكان العقل من بين المفاهيم الأساسية التي استدعت منه الخوض في كتب الاعتزال، للبحث عن مشروعية فكرية لمشروعه. إن عودة عمارة إلى تراث المعتزلة، ترغمنا على طرح مجموعة من الأسئلة، ستكون كفيلة بأشكلة موضوعنا، أهمها: ما هو الداعي الذي وجه عمارة إلى عقلانية المعتزلة؟ بماذا تتميز العقلانية الاعتزالية عن غيرها؟ وهل يشكل إحياء عقلانية أهل العدل والتوحيد، هدفًا فكريًّا تنويريًّا، أم ضرورة دفاعية آنية؟ كيف بلور عمارة ما سماه "العقلانية الإسلامية"؟

191.62